أيه للدراسة والتأمل

1 - " لأن أبى أعظم مني " (يو28:14)

أولا : هذه الآية ليست ضد الإيمان بلاهوت المسيح،بل هي تؤكد إيماننا بتجسد الله الكلمة، واتحاده بطبيعتنا

البشرية "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد " (1تي16:3) .

والرب بحسب طبيعته البشرية كان يتصرف ويتكلم كإنسان أخذا طبيعتنا البشرية كاملة وعن هذه الطبيعة التي

وحدها بلاهوته قال " أبي أعظم مني "،وبحسب طبيعته الإلهية تصرف وتكلم كإله وبسلطان مطلق .

ثانياَ : لو كان الرب مجرد إنسان لما احتاج الأمر منه أن يقرر أن الأب أعظم منه، فمن البديهي أن الطبيعة الإنسانية

أدني بما لا يقاس من الطبيعة الإلهية،ولا وجه للمقارنة بين الخالق والمخلوق، مهما عظم قدره، حتى ولو كان رئيس

ملائكة . لكن قول الرب هذا كان عن ناسوته وقت وجوده علي أرضنا بالجسد كقول الكتاب أنه "أخلي نفسه أخذاَ صورة

عبد " (في7:2)، أما عن لاهوته فقد قال "من رآني فقد رأي ألآب "(1 يو9:14)،"أنا والأب واحد " (يو30:10) .

ثالثاَ : عن ذلك قال القديس باسيليوس الكبير "لأن ألآب ليس أعظم من الابن في مقداره، لأن الابن غير محدود مثل

ألآب "وليس احد صعد إلي السماء، إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء "(يو13:3)، وليس أعظم

منه في الزمن،لأن الابن سرمدي مثل الأب فهو "الألف والياء البداية والنهاية الكائن والذي كان والذي يأتي " (رؤ8:1)،

ولا من جهة العمل والملك والسلطان،لأن الابن مساوي للأب في كل الصفات والكمالات الإلهية . لذلك قال الرب

"لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الأب "(يو23:5) " .

رابعاَ : عبارة أعظم مني إذن تشير إلي حالة إخلاء ألذات التي قبلها الرب بإرادته، والتي فيها تنازل وأخلي نفسه، آخذاَ

شكل العبد، آخذاَ كل ما لنا ما عدا الخطية، وقابلاَ للألم والموت لأجل خلاصنا . ولكن عندما قام من الموت وصعد إلي

السموات انتهت حالة إخلاء ألذات، ورجع إلي صورة مجده، التي هى له دائماَ، لكنه أخلي ذاته منها مؤقتاَ لحين إتمام

التجسد والفداء . لذلك قال : "والآن مجدني أيها الأب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم " (يو5:17) .

وبقيامته وإصعاده لطبيعتنا البشرية التي اتحد بها صارت في أعظم مكان يليق بها كجسد الإله المتأنس

ولأن كل ما فعله الرب وأتمه كان من أجلنا كما هو مكتوب "امضي لأعد لكم مكانا َوان مضيت و أعددت لكم مكاناَ، أتي

أيضا َوأخذكم الي، حتي حيث اكون انا تكونون انتم ايضاَ "(يو3،2:14 )، "صعد سابقاَ لأجلنا " (عب20:6)، "أقمنا معه

وأجلسنا معه في السماوياتفي المسيح يسوع "(أف6:2) لذلك كانت قيامته وصعوده تمجيداَ وتعظيماَ لطبيعتنا

البشرية، ليكون لنا نحن قيامة وصعود إلي هذا المجد الذي أعده لنا .