بعض القصص الأخرى عن الأنبا أرسانيوس
جاء رسول من روما يحمل وصية أحد أقربائه المتوفين، يهبه فيها كل ما تركه. فسأل الأنبا أرسانيوس الرسول: "متى مات هذا الرجل؟"
- "منذ سنة."
- "وأنا مت منذ إحدى عشرة سنة، والميت لا يَرِث ميَّتاً!!".
ولقد كان معتاداً أن يطرد حرب الشياطين بالصلاة الكثيرة.. لذا، جاءته الشياطين يوماً ما في شكل ملائكة، يباركونه لقداسته وإصراره (حتى يقع في خطية الكبرياء). ولكنه صرخ إلى الله: "اللهم إلتفت إلى معونتي، يا رب أسرع وأعنّي، ليخز ويخجل طالبوا نفسي، وليرتد إلى الخلف ويخجل مَنْ يريدون لي الشر.. وأنت أيها السيد، فلا تخذلني، فإني ما صنعت لديك خيراً قط، بل أعطني يا رب بكثرة صلاحك أن أحفظ وصاياك، وأبدأ في عمل إرادتك."
وعندما نطق بهذه الكلمات هربت الشياطين وصارت كالدخان. وقد كان الأنبا أرسانيوس دائم الطلبة إلي الله ليريه الطريق الصحيح، فسمع نفس الصوت القديم مرة أخرى: "يا أرسانيوس.. الزم الهدوء والبُعد عن الناس والصمت، وأنت تخلص."
وقد كان دائم التذكير لنفسه قائلاً: "أرساني.. أرساني.. تأمَّل فيما خرجت لأجله لئلا يفقد الطريق، ولا ينحرف عن الطريق الصعب"
+ وقد كان نظامه اليومي كالآتي:
+ كان يبدأ الصلاة مع شروق الشمس
+ ثم يعمل في ضفر الخوص حتى السادسة
+ ثم يقرأ حتى التاسعة
+ ثم إلى الصلاة..
وكان أيام الآحاد وفي الأعياد مُعتاداً أن يبدأ في الصلاة وقت الغروب معطياً ظهره للشمس، ويرفع يديه حتى تشرق الشمس مرة أخرى في وجهه!!!
زارته مرة إحدى شريفات روما عندما بلغها خبر تقواه، وبعد أن جلست معه مدة، طلبت منه أن يذكرها في صلاته. فأجابها: "أرجو الله أن يمحو ذكراك من عقلي!".
فرجعت متأثرة وشكت للبابا ثاؤفيلس محتجة على هذا الكلام، فأفهمها البابا قصده وهو: خوفه من ذِكراها قد يستخدمها الشيطان وسيلة لمحاربته.
وقد كان حَذِراً جداً من الكلام، ولما سُئِلَ عن السبب أجاب:
"كثيراً ما تكلَّمت وندمت، أما عن الصمت فلم أندم قط."